الجمعة 3 مايو 2024
محطة مصر

    مقالات

    حسين يعقوب وعمرو دياب

    بهجت العبيدي
    بهجت العبيدي

    بقلم - بهجت العبيدي

     

    يبدو أن هناك مشكلة في بنية الدين التي وصلتنا، فما يمكن أن يكون فضيلة في منظور متدين ما هو نفسه ما يمكن أن يكون نقيصة عند متدين يعتنق نفس الدين من منظور آخر، وما يمكن أن يصبح سببا لدخول شخص ما إلى نار جهنم هو ذاته ما يمكن أن يكون السبب في أن يتنعم صاحبه بجنات النعيم خالد فيها أبدا.


    لم أكن لأتناول شهادة "الداعية" حسين يعقوب في المحكمة، ولم أكن لأتوقف عندها، لا لشيء، سوى لأنني لم أفاجأ بشيء ولو يسير مما قاله، فضلا عن أني لم أعتبره يوما عالما ولا شيخا، بل كنت قد أطلقت عليه وعلى أمثاله، كعمرو خالد ومحمد حسان وغيرهما، نجوم الدعاة المصنوعين، ولم يفرقوا عندي في صناعتهم عن صناعة نجم مثل عمرو دياب، وعلى كل حال فهم قد "تصيّتوا" في نفس الفترة التي "تصيت" فيها عمرو دياب، وكأن هناك من عمل على ذلك لتغييب العقل والوعي الذي يتشكل أول ما يتشكل من رافد الدين ومعه رافد الثقافة التي انتشر التافه منها والفنون التي نشروا، ومازالوا، المبتذل فيها. وكانت الشيوخ المصنوعة، في رأيي، أشد خطرا على المجتمع مما سواها، ففي النهاية، فلا أحد من أبناء الشعب المصري ولا العربي ينظر إلى الثقافة التافهة أو إلى فن عمرو دياب وغيره على أنه من عند الله، ولا أنه لابد أن يأتي بما يقال في الأغنية من معانٍ أو الرواية من أحداث أو الشعر من أغراض.


    طبعا هذا التشبيه قطعا سيجعل البعض يصب الشتائم والسب على رأسنا، إن لم يكن في تعليقات، فبينه وبين نفسه، أو بينه وبين من هم أقرانه أو على صفحته، ولكن لو تريث هذا البعض قليلا وأعمل عقله لعلم يقينا أن عمرو دياب كان تأثيره أقل آلاف المرات إن لم يكن ملايين المرات من مثل هذه الشيوخ الذين كانوا السبب في أن يعتنق العديد من الشباب الفكر التكفيري، والذي من خلال منطلقاته قد ذبحوا من ذبحوا وقتلوا من قتلوا وفجروا ما فجروا، وإني أزعم أنه مع ذلك، مع هذا التريث وهذا التأمل فإن الكثيرين سوف يرفضون تلك المقارنة التي هي ممقوتة عندهم، إن لم تكن سببا في إهدار دم مطلقها، فكيف تشبه أيها الكاره للدين وعلمائه هؤلاء المشايخ بهذا المغني الرقيع؟! نعم بعد إثبات أن هؤلاء بدعوتهم كانوا السبب في القتل والتخريب والتفجير، فإن مقارنتهم بمغنٍ أو فنان يمكن أن تذهب بصاحب هذه المقارنة إلى أسفل سافلين، وما ذلك سوى لما للدين من مكانة في النفوس، وعظمة في القلوب، وعشق في الأرواح، ولن يرفض هذا التشبيه هؤلاء المتدينين فقط، بل أكثر المسلمين عصيانا سيراه تشبيها ممجوجا، لأن هذا المسلم العاصي أيضا في أعماق أعماقه يحب الدين ويحب الله ويحب رسوله صلى الله عليه، لهذه الدرجة التي يرفض فيها تشبيه من كانوا سببا في التقتيل والتفجير، لأنهم فقط يلبسون ثوب الدين، بأحد أبرز المطربين، والذي لم يكن له واحد على عشرة، إن كان له على الإطلاق، من تأثير على الشباب على المدى البعيد، فلا نعلم، ولن نعلم، أن أحد المتهمين في قضية إرهاب ذكر للمحكمة أنه أتى بهذه الجرائم تأثرا بكلمات أغاني عمرو دياب.


    أقول لم أكن أتوقف عند شهاد محمد حسين يعقوب في المحكمة، والتي كان بها من الأكاذيب والتدليس، ما ليس في حاجة إلى برهان، نأخذ منها شيئا واحدا يجمع الكذب والتدليس معا، وهو قوله في سياق رده عن ما يعرفه عن سيد قطب بأنه أديب وشاعر، "بالذمة: هل هناك، غير المتخصصين في الأدب أمثالنا، من يأتي على ذهنه حينما يسمع اسم سيد قطب أن يقرنه بالأدب والشعر؟ ذلك الذي كان في بداية حياته وإسهاماته في هذا المجال قليلة للغاية إن لم تكن شحيحة؟!". وهل، على نفس القياس، لو سُئل الشيخ على عباس محمود العقاد فهل كانت ستكون إجابته هو الشيخ العقاد لما كتبه في الإسلام في سلسلة العبقريات؟ وأكثر من ذلك هل لو سألنا أي إنسان على عباس محمود العقاد هل سيذكر أنه كان شاعرا؟ على الرغم من أن العقاد له عشرة دواوين من الشعر!، أم أن كل من يسأل عن العقاد سوف يذكر أنه أديب ومفكر.


    أقول لم أكن لأتوقف عند شهادة محمد حسين يعقوب والتي ذكر فيها أن دافعه للدعوة أنه يحب رسول الله، وهل هناك من المسلمين أو من الدعاة، أيا ما كانت دعوتهم من لا يحب رسول الله؟ إن عتاة الإرهابيين ما فعلوا ما فعلوا إلا لأنهم يحبون الله ورسوله، وإن الذي يدفع الجماعات الإرهابية دفعا لتخريب البلدان العربية والإسلامية واستهداف الحكام واستهداف المفكرين ورجال الجيش والشرطة والقضاة والإعلاميين هو حبهم، كما يزعمون، لرسول الله، فهل يمكن أن يقدم أحد على القتل والذبح وهو مطمئن البال ومرتاح القلب وراض كل الرضا ومنتظر لثواب عظيم في جنات النعيم مع الحور العين إلا لو كان يحب الله ورسوله وينفذ أوامر الله ورسوله؟!.


    بل إن أكثر المسلمين عصيانا يحب الله ورسوله، وكنتُ دائما أضرب مثلا عن هذا الحب المتغلغل في نفوس المسلمين لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالقول: لو أن أحد المسلمين العصاة سكران في إحدى الحانات، وافترضنا أن هناك من تناول الإسلام أو رسوله صلى الله عليه وسلم بسوء، فإن السكر، الذي سيطير من رأسه في نفس اللحظة، لن يمنعه في الدفاع بكل قوة وحماسة، ولو سيفقد حياته معه، عن الإسلام ورسوله، إذاً فكل المسلمين: سواء هؤلاء العوام العاديين، أو أولئك الإرهابيين المجرمين أو العصاة الفجرة، جميعهم بدون استثناء يحبون الله ورسوله، أن المهم؛ كيف يحب هؤلاء جميعا الله ورسوله، فهناك من يفعلون الخير، وهناك يشيعون الإرهاب، وهناك العصاة، وجميعهم يحبون أو يزعمون حبا لله ورسوله.


    أقول لم أكن لأتوقف عند شهادة محمد حسين يعقوب في المحكمة رغم ما فيها ولكني وجدت في الفريقين تناولا غريبا عجيبا، فالفريق الذي ضد يعقوب والتوجه الذي يمثله ظن أن هذه الشهادة هي المسمار الأخير في نعش هذا الجماعات المتاجرة بالدين، وهم في ذلك واهمون كل الوهم، فهذا التيار سيظل موجودا على الساحة إلى فترة لا يعلم إلا الله مداها، وإن تنكّر في زي آخر وثوب جديد، وإن أظهر غير ما يضمر وأبدى غير ما يبطن، فالأمر معقد بما فيه الكفاية، حيث أن هذا الفريق يعتمد في منهجه على آيات قرآنية يراها قطعية الدلالة واضحة كل الوضوح، وعلى أحاديث نبوية هي والقرآن عنده سواء بسواء بل فيها ما نسخ آيات من القرآن، وعلى أقوال السلف والتابعين الذين هم يمثلون الخيرية: فقرن النبي هو خير القرون ثم الذي يليه فالذي يليه، ومن ثم فإننا، لبعدنا، عن هذه القرون بقرون وقرون فإن لا خيرية لنا، أو على الأقل لا خيرية لنا تُقارَن بحال بخيرية هؤلاء الصحابة والتابعين هؤلاء الذين اختلفوا وقتل بعضهم بعضا واتهم بعضهم بعضا في دينه.


    والفريق الذي يذهب مذهب يعقوب رأى أن الرجل لم يخطئ في شيء، وأن الكذب متاح مباح بأسانيد دينية في مثل هكذا حالات، "طبعا هناك ما يسمى بفقه الأسير في أدبيات هذه الجماعات، هذا الذي يبيح الكذب وما هو أكبر من الكذب" وكان ممن تصدوا للدفاع عن كذب الرجل وتدليسه في المحكمة "شيخ ابن شيخ" وهو حاتم الحويني الذي كتب ما نصه: الشريعة أقرت نموذج عمار بن یاسر رضي الله عنه عند سبه للنبي بإكراه من المشركين! وقال له : "ماذا تجد قلبك ؟!" قال: مطمئنة بالإيمان، فقال له: "إن عادوا فعد" وهذا في الكفر فما بالكم بما هو دونه. وأيضا أقرت نموذج بلال بن رباح رضي الله عنه؛ فلا تضيقوا وتحجروا واسعا رحمكم الله. كان هذا نص دفاع "ابن الحويني" عن يعقوب.


    تخيّلوا هذه هي الشريعة عندهم، وهذا هو قياسهم، هذا القياس الذي يعني أن القاضي كافر، والمحكمة كافرة، وهي مؤسسة دولة، فالدولة كافرة.


    هذا الذي سطره حاتم الحويني الذي لو أُتِيَ به للمحكمة، لأنكر كل الإنكار اتهامه المحكمة بالكفر واتهامه القاضي بالكفر واتهامه الدولة بالكفر، وهو مطمئن القلب لإيمانه، هذا الذي دفعنا لأن نذكر في أول هذا المقال أن هناك خللا في بنية الدين التي وصلت هذه الجماعات، فإن كانت هذه البنية يفهم منها الشيء ونقيضه، فهي بلا شك فاسدة، أو على أقل تقدير لا يمكن لها أن تضبط حركة المجتمع ضبطا محكما، ولما نذهب بعيدا فكل من ارتكب إرهابا استند على صحيح الدين، كما يفهمه، وكل من ينفي ويستنكر هذا الفعل الإرهابي يستدل بصحيح الدين، كما يفهمه أيضا، نعم نعلم أن علي بن أبي طالب قال: إن المصحف بين دفتي كتاب لا ينطق وإنما ينطقه الرجال، كما ذكر أن القرآن حمّال أوجه. وطبعا سنجد من يدافع عن ذلك باعتبار أن هذه الأوجه هي التي تجعل هناك حركة دينامية للنص القرآني ليصبح صالحا لكل زمان ومكان، وإن كان ذلك كذلك، فعلى علماء الإسلام أن يصلوا للوجه الذي يناسب هذا العصر ويجعلوا منه مرجعا له، وإلا ذهب، كما ذهب هؤلاء الذين جندوا الشباب لقتال الجيش والشرطة وكل مؤسسات الدولة والشعب كذلك، باعتبارها الفئة الممتنعة، وإلا لذهب كلٌّ إلى مذهبٍ لا يناسب العصر وتختلط الأمور ولا يعرف فيها ما الصحيح من الخطأ وما الصواب من الفاسد؟!.

     

    حسين يعقوب عمرو دياب محمد حسان عمرو خالد لم اعتبره شيخاً تصيتوا الشيوخ المصنوعة

    أسعار العملات

    العملةشراءبيع
    دولار أمريكى​ 29.526429.6194
    يورو​ 31.782231.8942
    جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
    فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
    100 ين يابانى​ 22.603122.6760
    ريال سعودى​ 7.85977.8865
    دينار كويتى​ 96.532596.9318
    درهم اماراتى​ 8.03858.0645
    اليوان الصينى​ 4.37344.3887

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
    عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
    عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
    عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
    الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
    الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
    الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

    مواقيت الصلاة

    الجمعة 06:30 مـ
    24 شوال 1445 هـ 03 مايو 2024 م
    مصر
    الفجر 03:35
    الشروق 05:10
    الظهر 11:52
    العصر 15:29
    المغرب 18:34
    العشاء 19:58

    استطلاع الرأي