الثلاثاء 7 مايو 2024
محطة مصر

    دين ودنيا سير وأعلام

    الشيخ مصطفى إسماعيل.. قارئ القصر الملكي!

    محطة مصر

    شهد يوم الخميس الماضي الموافق السابع عشر من شهر يونيو ذكرى مولد الشيخ القارئ الملقب بـ "قارئ الملوك والرؤساء"، صاحب الصوت العذب القوي، ذاك الذي أوتي مزمارًا من مزامير آل داود، والذي قد لا يعلم شبابنا اليوم عنه شيئًا، ففي ظل الاهتمام الشديد بآخر أخبار الرياضة والفن والموضة وغيرها من المواضيع، نغفل عن معرفة أعلامنا الذين سطر التاريخ سيرتهم بأحرف من نور..

    فمن هو القارئ الذي لقب بـ "قارئ القصر الملكي"..؟!

    مولده ونشأته:

    اقرأ أيضاً

    هو الشيخ مصطفى محمد المرسى إسماعيل، ولد في قرية ميت غزال، التابعة لمركز السنطة، الذي يقع ضمن محافظة الغربية، وذلك يوم 17 من شهر يونيو عام 1905م  ،والذي يوافق شهر ربيع الثاني عام 1323 هجريًا، لينشأ ويكبر ليصبح ن أبرز شيوخ التلاوة في مصر والعالم الإسلامي.

    حفظه للقرآن الكريم:

    أتم حفظ القرآن كاملًا ومُوجَوَدًا قبل أن يتجاوز الثانية عشرة من عمره في كتّاب القرية، وبعد هذا التحق الشيخ "مصطفى إسماعيل" بالمعهد الأحمدي في طنطا ليتم دراسة القرءات وأحكام التلاوة، حيث قام الشيخ "مصطفى إسماعيل" بتلاوة القرآن بالتجويد ومراجعته ثلاثين مرة على يد الشيخ إدريس فاخر.

    كما أتقن "مصطفى إسماعيل" تجويد القرآن وتلاواته بالقراءات العشر على يد الشيخ إدريس فاخر وعمره ما دون الـ16 عامًا، حيث تميَّز الشيخ "مصطفى إسماعيل" منذ صغره بأداء فذًّ في تلاوة كتاب الله عز وجل، وبراعة مُنقطعة النظير في التَّنقُّل بين أنغامها وألوانها، وحسنِ تعبيرٍ عن معاني آياتها وكلماتها بصوته وأدائه، ووقفِه وابتدائه، وتمكُّنه في تجويد وقراءات القرآن الكريم، وتنبأ له شيخه بمستقبل باهر في تلاوة القرآن الكريم.

    أتقن الشيخ القارئ الفذ "مصطفى إسماعيل" المقامات وقرأ القرآن بأكثر من 19 مقامًا بفروعها وبصوت عذب وأداء قوي، وقد اشتهر بكونه صاحب نَفَس طويل في القراءة التجويدية، كما ترك ورائه كنوز خالدة أبد الدهر، حيث قام بتسجيل القرآن الكريم كاملاً مرتلاً بصوته العذب وأدائه المميز.

    كما ترك وراءه 1300 تلاوة لا تزال تبث عبر إذاعات القرآن الكريم، وقد ركّب في تلاوته النغمات والمقامات بشكل استحوذ على إعجاب المستمعين وأسر قلوبهم بآيات القرآن الكريم وتلاوته العذب، وكان ينتقل بسلاسة من نغمة إلى أخرى، ويعرف قدراته الصوتية بشكل جيد، وكيف يستخدمها فی الوقت المناسب، وهذا ما مهد له الطريق ليكون قارئ القصر الملكي.

    استطاع الشيخ "مصطفى إسماعيل" أن يمزج بين علم القراءت وأحكام التلاوة وعلم التفسير وعلم المقامات وكان يستحضر حجة القرآن في صوته ويبثها في أفئدة المستمعين لاستشعار جلال المعنى القرآني، فذاعت شهرة الشيخ "مصطفى إسماعيل" في محافظته والمحافظات المجاورة لها في بداياته، ثم قرر بعدها الانتقال إلى القاهرة، لتزداد شهرته وتزدان المحافل والمناسبات بصوته الشجيٍّ.

    انطلاقته:
    برزت موهبة الشيخ "مصطفى إسماعيل" عندما ذهب للإقامة في طنطا عاصمة محافظة الغربية، وذاع صيته للمرة الأولى بشكل لافت في جنازة "السيد حسين بك القصبى"، حيث وصل جثمانه من إسطنبول إلى طنطا، وخرجت طنطا كلها تستقبل الجثمان في محطة القطار بالمدينة.

    يقول الشيخ "مصطفى إسماعيل":

    "خرجت مثل باقي الناس نستقبل الجثمان ويوم العزاء دعاني أحد أقارب السيد القصبي للقراءة بالعزاء وكان عمرى 16 عامًا ولبست العمة والجبة والقفطان والكاكولة. وأراد الله أن يسمعني جميع الناس من المديريات وجميع أعيان مصر.


    وذهبت إلى السرادق الضخم المقام لاستقبال "الأمير محمد علي" الواصيّ على عرش الملك فاروق وسعد باشا زغلول وعمر باشا طوسون وأعيان مصر وأعضاء الأسرة المالكة في ذلك الوقت.
    كما حضر العزاء أيضًا أعيان الإسكندرية وبورسعيد وجميع أعيان القطر المصري ...

     

    ولم يكن هناك مكبرات صوت فقررت أن أسمع السرادق كله صوتي، وعندما انتهى أول القراء وكان اسمه الشيخ سالم هزاع، رحمة الله عليه، ونزل من على الدكة قفزت على الدكة وجلست وفجأه نادى قارئ قائلاً: "انزل يا ولد هوه شغل عيال..!"

    حتى حضر أحد أقارب السيد القصبي وقال للشيخ حسن: "هذا قارئ مدعو للقراءة مثلك"، وقرأت وأبهرت الحضور بتلاوتي وكذلك انبهر الشيخ حسن صبح".

     

    قارئ القصر الملكي:

    وفق الله الشيخ "مصطفى إسماعيل" ليتم اختياره كقارئ للقصر الملكي، وذلك بعد تَغَيَّبَ "الشيخ عبد الفتاح الشِّعشاعي" عن محفلٍ مهم، ليحل محله الشيخ "مصطفى إسماعيل" ويأسر قلوب المستمعين بحسن تلاوته، وتتعلق قلوبهم بصوتي الجيّ العذب، ليختاره الملك فاروق بعد ان أعجب بصوته المميز القوي ليكون قارئًا للقصر الملكي في عام 1944 على الرغم من أنه لم يكن قد اعتمد من إذاعة القرآن الكريم بعد، وبعدها توالت الحفلات الملكية التى أحياها الشيخ مصطفى إسماعيل، بعد فرمان من الملك فاروق بتعيينه قارئًا للقصر الملكي.

     

    الشيخ مصطفى إسماعيل وإذاعة القرآن الكريم:

    كان الشيخ "مصطفى إسماعيل" القارئ الأول الذي سجل في الإذاعة المصرية دون أن يمتحن فيها، ففي عام 1945 للميلاد انطلق صوت الشيخ مصطفى إسماعيل؛ صادحًا بآيات القرآن الكريم بصوت عذب شجيّ عبر موجات إذاعة القرآن الكريم، لتتعلق بصوته القوي الآذانُ والقلوب، ويكأنه أوتي مزمارًا من مزامير آل داود، وبلغت شهرته آفاق مصر والعالم.

    القارء مصطفى إسماعيل

    الشيخ مصطفى إسماعيل قارئ الأزهر:

    أصبح الشيخ مصطفى مقرئ الأزهر أكثر من ثلاثين عامًا حتي وفاته‏، وعلى الرغم من كيد الحاسدين ومكر الماكرين الذين حاولوا إسكات الصوت المعجزة للشيخ مصطفى إسماعيل من أسر الآذان وسحر القلوب، والذين كادوا المكائد لهذا إلا أن محبي الشيخ كانوا لهم بالمرصاد.

    حيث قام بعض المأجورين بإخفاء الدكة التي يجلس عليها الشيخ مصطفى إسماعيل والميكرفون الذي يتلو فيه في مسجد الأزهر الشريف، ولكن لم يهتم الشيخ بهذا وجلس على الأرض وتلا القرآن بصوته الشجيّ العذب.

    الشيخ مصطفى إسماعيل حول العالم:

    جاب الشيخ "مصطفى إسماعيل" الكثير من دول العالم؛ قارئًا لآيات القرآن الكريم، ومُحْيِيًا ليالي رمضان، وسط احتفاءٍ وتقدير كبيرين على المستوى الشعبي والرسمي في شتى الدول التي زارها، حيث قام الشيخ "مصطفى إسماعيل" بتلاوة القرآن الكريم في مختلف الدول العربية والإسلامية والأوروبية أيضًا، فصدح صوته في أفريقيا، وأمريكا، وأوروبا وآسيا.

    حيث زار الشيخ "مصطفى إسماعيل" 25 دولة عربية وإسلامية كما سافر إلى جزيرة سيلان، وماليزيا، وتنزانيا، وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وسمع المسلمون ترتيله في سان فرانسيسكو وباريس ولندن وكوالالمبور وأنقرة وكراتشي واسطنبول وطهران ودمشق وبيروت وجميع العواصم العربية.

    صحيفة أجنبية تتحدث عن الشيخ مصطفى إسماعيل

    الشيخ مصطفى إسماعيل في فلسطين:

    زار فضيلة الشيخ "مصطفى إسماعيل" فلسطين الحبيبة، و قرأ بحرمها القدسي الشريف (المسجد الأقصى) تلاوته المشهورة في ذكرى الإسراء والمعراج عام 1960م.

    كما زار فلسطين مرة ثانية، ليتلو القرآن الكريم بصوته العذب في باحات المسجد الأقصى من جديد، وذلك ضمن الوفد الرسمي الذي اختاره السادات حين ذهب إلى فلسطين عام 1977 للميلاد، حيث كان السادات شغوفًا بصوت الشيخ مصطفى إسماعيل، حتى أنه كان يحب تقليد طريقة تلاوته وذلك عندما كان السادات مسجونًا.

     

    تكريم الشيخ مصطفى إسماعيل:

    حصد فضيلة الشيخ مصطفى إسماعيل الكثير من الجوائز التكريمات اعترافًا بموهبته الفذة وبراعته منقطعة النظير في تلاوة القرآن الكريم، فحصل الشيخ مصطفى إسماعيل على وسام الاستحقاق من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعلى وسام الأرز من لبنان عام 1958، ووسام الفنون عام 1965، ووسام الامتياز عام 1985 من الرئيس مبارك، و وسام الاستحقاق من سوريا، كما حصل على أعلى وسام من ماليزيا، و وسام الفنون من تنزانيا.

    وأعظم تكريم حازه القارئ المعجزة أنه حاز على تكريم الله له سبحانه وتعالى إذ جعله ممن يرتلون آياته العطرة آناء الليل وأطراف النهار.

    قارئ القصر الملكي

    اللحظات الأخير في حياة خادم القرآن:

    يستشعر عباد الله الصالحين قرب لقائهم مع الله، فتراهم يشعرون بدنو أجلهم، فيودعون أحبتهم وينتظرون الموت بأنفس راضية هانئة مستبشرة بوعد الله لهم.

    فما بالك بالذي أمضى حياته مع كلام الله يحيا به كل حين..؟!

    في الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة 22 ديسمبر سنة 1978 م غادر الشيخ مصطفى إسماعيل عزبته في قرية ميت غزال مودعًا ابنته ومتجها إلى دمياط للقراءة في افتتاح جامع البحر في حضور الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

    يحكي سائق الشيخ قائلًا: "كان الشيخ مصطفى يومها حائرًا لأنه كان ينسى بعض الآيات القرآنية التي كان يرددها فيلتفت إلى السائق قائلا: والنبي قل لي يا محرم إيه الآية اللي بعد الآية دي؟"

    وفي دمياط قرأ الشيخ تلاوته الأخيرة وبعدها طلب من السائق الرجوع إلى قريته بجوار طنطا وعند مفترق الطريق بين طنطا والمحلّة الكبرى طلب الشيخ منه سائقه التوجه إلى الإسكندرية ويصفه السائق "محرم" أنه كان مرحًا جدًا يومها، وعند دمنهور طلب الشيخ مصطفى من السائق التوقف لشراء بعض سندوتشات الفول، ليتناولها الشيخ مع سائقه وتكون بذلك آخر ما تناوله الشيخ في حياته.

    عندما وصل الشيخ مصطفى إلى فيلته بحي رشدي في الإسكندرية، طلب من سائقه أن يضع المشمع فوق السيارة فتعجب السائق لهذا الطلب لأن الشيخ مصطفى كان يمنعه دائما من وضع هذا المشمع فوق السيارة خشية أن يتلف لونها، وحينما أبدى (محرم) السائق دهشته قال له الشيخ مصطفى إسمايعل بالحرف الواحد "أنا مش طالع تاني يا سيدى".

     

    توجه الشيخ مصطفى إلى بيته وطلب من خادمته وزوجها أن يجلسا معه في الصالون وظن زوج الخادمة أن الشيخ يريد طردهما من المنزل لأنها كانت أول مرة يدخل فيها زوج الخادمة المنزل، ولكن على عكس ما توقع فقد أبدى الشيخ مصطفى حبه للإثنين وطلب منهما الحفاظ على المنزل، كما طلب منهما شرب الشاي معه.

     

    وتقول خادمة المنزل عن آخر لحظات الشيخ:

    "وفجأةً أعرب الشيخ عن سعادته وكان يقول أنا جالس الآن على كرسي العرش والعالم كله يصفق لي"

    وبدت الدهشة على وجه الخادمة والشيخ يهم بالوقوف متجها إلى الدور الأول، حيث توجد غرفة نومه وسألته إن كان يريد النوم الآن، ليجيبها قائلًا: "أنا ماشي في دفنة فاطمة (اسم زوجة فضيلة الشيخ) لأنها ماتت".

    وتعجبت الخادمة حيث كانت زوجة فضيلة الشيخ لا تزال على قيد الحياة، وعندما وصل الشيخ إلى حجرة نومه جلس على السرير ينادي ابنته التي كانت معه في طنطا، لتجيبه عاملة المنزل بقولها: "أنا اسمي سرارى"، ليقول لها الشيخ: "تعالي يا بنتي شوفي إيه اللي في دماغي" وأخذ يدها بيده وحاول أن يصل بها إلى رأسه، لتسقط يدي الشيخ إلى الأسفل.

    لم تعلم الخادمة أن الشيخ مصطفى إسماعيل أصيب بانفجار في المخ وأن الشلل قد تسلل إلى جسده، حيث ظنت الخادمة أنه مرهق من السفر ويريد النوم، فقد كان تنفسه طبيعيًا، فتركته نائمًا في غيبوبة إلى اليوم التالي حتى الساعة الثانية والنصف ظهرًا وكانت تدخل عليه بين الحين والآخر وتلاحظ أنه يتنفس بشكل طبيعي فتتركه نائمًا.

     

    وفاة الشيخ مصطفى إسماعيل:

    قام أحد الشيخ مصطفى بالاتصال بالمنزل وعندما سمع بالواقعة أحضر معه الأطباء، ليتم نقل الشيخ مصطفى إسماعيل إلى المستشفى بالإسكندرية وهو في غيبوبة تامة ظل بها عدة أيام.

    وفي صباح يوم الثلاثاء 26 ديسمبر 1978 صعدت روحه الطاهرة إلى بارئها، وأقيمت له جنازة رسمية يوم الخميس 28 ديسمبر 1978 ودفن في مسجده الملحق بداره في قرية ميت غزال بالسنطة بمحافظة الغربية، ليموت الشيخ وعمره يناهز 73 عامًا، قضاهم يتلو آيات الله آناء الليل وأطراف النهار.

    مات صاحب الصوت المعجزة الذي غزا العالم، واحتل القلوب بسحره وعذوبته، وعاش صوته المعجزة خالدًا مخلدًا يصدح بآيات الذكر الحكيم، نحسبه والله حسيبه من الذين قال عنه رسول الله ﷺ: (إنَّ من أحسنِ النَّاسِ صوتًا بالقرآنِ ، الَّذي إذا سمِعتموه يقرأُ حسِبتموه يخشَى الله).

     

    رحمَ الله الشيخ مصطفى إسماعيل، وغفر له ولسامعيه ومُحبيه في كل زمان ومكان.

     

    قارئ القصر الملكي قارئ الرؤساء والملوك الشيخ مصطفى إسماعيل خادم القرآن

    أسعار العملات

    العملةشراءبيع
    دولار أمريكى​ 29.526429.6194
    يورو​ 31.782231.8942
    جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
    فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
    100 ين يابانى​ 22.603122.6760
    ريال سعودى​ 7.85977.8865
    دينار كويتى​ 96.532596.9318
    درهم اماراتى​ 8.03858.0645
    اليوان الصينى​ 4.37344.3887

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
    عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
    عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
    عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
    الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
    الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
    الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

    مواقيت الصلاة

    الثلاثاء 12:32 مـ
    28 شوال 1445 هـ 07 مايو 2024 م
    مصر
    الفجر 03:30
    الشروق 05:07
    الظهر 11:52
    العصر 15:28
    المغرب 18:36
    العشاء 20:02

    استطلاع الرأي