الثلاثاء 7 مايو 2024
محطة مصر

    مقالات

    ثالوث الأزمات العالمية والمثلث الأوروبي الجديد

    محطة مصر

    مازال ثالوث الأزمات العالمية، المشكل من وباء كورونا وحدة الركود الاقتصادي وتزايد أعباء الديون، جاثماً على الصدور وتراه يزداد وطأة بمرور الوقت رغم توافر الحلول ووفرة الإمكانيات. فأين مصادر الخلل؟ وهل سيشهد هذا العام انفراجاً في العمل الدولي بعد سنوات من التوتر والانعزالية والحمائية والانسياق وراء دعاوى الشعبوية؟


    شهدت الساحتان الأميركية والأوروبية تغييرات في قياداتها. وزفت البشائر بعود أميركي، نحسبه حتى الآن حميداً، إلى المسارات الدولية متعددة الأطراف؛ فأعلن عن عودة الولايات المتحدة لاتفاقية باريس لتغيرات المناخ بعد غياب طال، ونشرت كلمات عن مساندة منظمة الصحة العالمية ومساعدتها مالياً بعد انقطاع، ومهد الطريق لتولية قيادة أفريقية مرموقة إدارة منظمة التجارة العالمية بعد فترة من الجمود دون قرار.


    وفي أوروبا تولى هذا الشهر الاقتصادي المخضرم ماريو دراجي رئاسة حكومة إيطاليا، والتي ترأس هذا العام مجموعة العشرين. وفي خطابه الذي ألقاه منذ أيام عن أولويات حكومته أفصح دراجي عن سياسات تزكي المصالح الأوروبية وليس الإيطالية فحسب، في صياغة العلاقات الدولية خاصةً مع الولايات المتحدة والصين وروسيا. جعل هذا بعض المحللين السياسيين، مثل ميلفين كراوس الأستاذ في جامعة نيويورك، يتحدث عن بزوغ مثلث أوروبي جديد يتضمن إيطاليا مع ألمانيا وفرنسا، اللتين قادتا إعادة إحياء الاتحاد الأوروبي بعد أزمة «بريكست» التي انتهت بانفصال بريطانيا. وقد اشتهر دراجي بعباراته الرنانة ومحاولاته لتنفيذ محتواها؛ فهو صاحب المقولة الشهيرة «مهما كانت التكلفة» التي رددها في يوليو (تموز) عام 2012 أثناء رئاسته للبنك المركزي الأوروبي عن عزمه في الدفاع عن اليورو الذي عركته الأسواق من خلال برنامج لشراء السندات. ونجحت كلماته بفضل مصداقية مؤسسته وسياسته المنضبطة في حماية اليورو من التردي بتهدئة المستثمرين والمتعاملين في أسواق النقد.

    ويواجه دراجي مشكلات اقتصاد أعياه الوباء، وإذا ما أحسن السيطرة على تداعيات الجائحة الصحية فإن الناتج المحلي لإيطاليا لن يعود لمستويات ما قبل الجائحة إلا بعد عامين على أفضل تقدير. ولكن سعي الحكومة الإيطالية في الإصلاح الداخلي سيتخذ منهجاً وحدوياً أوروبياً صدره رئيسها دراجي بمقولة «بدون إيطاليا، لن تبقى أوروبا». ولم يغفل دراجي تأكيده على العلاقات عبر الأطلنطي مع الولايات المتحدة في استعادة للخط التقليدي للتحالف على عكس الخطوات التي اتخذها سلفه جوزيب كونتي في التقارب مع الصين؛ معضداً في ذلك تجديد أواصر التعاون الأوروبي - الأميركي بعد حديث العودة الأميركية لتحالفاتها التقليدية في ظل إدارة بايدن.


    وعودة لثالوث الأزمات العالمية، بعد هذا التطرق للمثلث الأوروبي الذي عثر مؤخراً على ضلعه المفقود. فما زال العامل المشترك بين الإدارات الأوروبية وما يقابلها عبر الأطلسي هو هذا التوجه نحو الداخل الذي لا ينصرف بمقدار ملموس خارج الحدود. حسناً فعلت الدول المتقدمة والغنية بأن رصدت في المتوسط ما يتجاوز 10 في المائة من دخولها القومية لدعم اقتصاداتها والمضارين من مواطنيها من تداعيات الجائحة. وها هو الاتحاد الأوروبي يرصد حوالي 2.2 تريليون دولار لحزم مالية محفزة لاقتصاد ما بعد الجائحة تمول جماعياً من خلال الموازنة الموحدة للاتحاد. وكذلك فعلت وأكثر الموازنة الفيدرالية الأميركية على مدار العام الماضي وعلى هذا النهج ستستمر هذا العام حتى يبين لها بوادر التعافي وتطمئن إليه، رغم جدل حول تكلفة حزم التيسير وفاعليتها والمنتفعين بها.

    ومن الأسف أنه في هذه الأثناء كبلت الموازنات المنهكة للدول النامية قدرات حكوماتها على الاستجابة لتداعيات الأزمة الصحية فلم يتجاوز الإنفاق الاستثنائي في الكثير منها 1 في المائة من دخولها القومية. كما أن أعباء الديون وضعف التصنيف الائتماني السيادي لها، يمنعها من الاقتراض رخيص التكلفة الذي تتمتع به الدول المتقدمة. فهناك من الدول تتمتع بطعام غذاء مجاني لانخفاض سعر الفائدة لما يقترب من الصفر على سنداتها؛ أما الدول النامية فمن نصيبها وجبات قروض باهظة التكلفة، وأكثرها يعود من الأسواق المالية خماصاً كما ذهبت إليها، فلا مقرض لها أو مستثمر في سنداتها. ومع تراجع معدلات النمو تتزايد البطالة بلا إعانة تذكر للمتعطلين، وتتزايد الفجوة في الدخول بين الدول المتقدمة والنامية بعدما شهدت فترات من التقارب بفعل زيادة النمو الأعلى في الدول الأقل دخلاً.


    قد تعين الدول المتقدمة، إذا أرادت، في حل معضلات ثالوث الأزمات باتخاذ إجراءات عاجلة قبل منتصف هذا العام، فكل يوم يمر بلا تيسير على عموم الناس يدفع أفقرهم تكلفته بحياتهم قبل أسباب معيشتهم. والإجراء الأول يجب أن يكون في تيسير الحصول على اللقاح بشكل عادل، فقد تعاقدت هذه الدول مع شركات إنتاج اللقاح مباشرة غير مبالية باحتياجات آلية الكوفاكس التي تديرها منظمة الصحة العالمية لصالح الدول الأفقر، وقام بعض هذه الدول بحجز ما يتجاوز أعداد سكانها مجتمعين عدة مرات.

    ولعل الدول المتقدمة تستمع لنصح سبعة علماء متخصصين في الأمراض الفيروسية. فقد نشروا مقالاً علمياً مشتركاً هذا الشهر في مجلة لانست الطبية واسعة الانتشار عن الضرورات العلمية لعدالة توزيع اللقاح على مستوى العالم كله وزيادة إنتاجه وسرعة نشره وإتاحته بلا عائق سعري أو لوجيستي، حتى تتحقق أهداف السيطرة على الجائحة وإلا تبددت منافع النصر العلمي في سرعة تطوير اللقاحات المعتمدة بشكل قياسي لأسباب سياسية وإدارية. ولعل الدول المتقدمة تتجاوب مع مطالب الدول النامية التي تقدمت بها لمنظمة التجارة العالمية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لتيسير الحصول على الترخيص اللازم لإنتاج اللقاحات المطورة والأدوية المعالجة.


    الإجراء العاجل الثاني هو منع تفاقم مشكلات المديونية للدول النامية ومنع تحولها لأزمة عالمية. وفي هذا الشأن يتطلب الأمر مد فترة السماح لإرجاء أقساط الديون للدول الأكثر فقراً والتي ستنتهي في شهر يونيو (حزيران) القادم لسنة أخرى، مع وضع ضوابط ميسرة للاستفادة من إطار إدارة الديون المتعثرة الذي أوصت به مجموعة العشرين، وأن يشمل في تطبيقه مقرضي القطاع الخاص بفاعلية والتأكيد على شفافية الإفصاح عن البيانات من جانب المقرضين والمقترضين، والتعاون في تطوير منظومة إدارة الديون السيادية الخارجية وآليات فض منازعات الديون المتعثرة وإرساء معايير عادلة في التفاوض على تسويتها، وإتاحة سبل التعاون الفني خاصةً في مجالات مبادلة الديون في ظل اقتراحات ربطها بتغيرات المناخ.

    الإجراء الثالث يتمثل في المراجعة العاجلة لإطار تمويل التنمية المستدامة بداية من الاستثمارات في التعافي الاقتصادي والإفلات من فخ الركود. وهذا يتطلب تجاوز النهج التقليدي للمساعدات الإنمائية التي تنحسر قيمة وتأثيراً لتراجع تدفقاتها حتى صارت التدفقات المالية الخارجة من القارة الأفريقية، على سبيل المثال، يتجاوز ما يرد إليها من مساعدات واستثمارات خارجية. ولعل الاختبار الأهم للتعاون الدولي في هذا الشأن هو طرح الزيادة العاجلة المنتظرة لوحدات حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي، لتيسير حصول الدول النامية على احتياجاتها الضرورية من النقد الأجنبي.

    هذه الإجراءات المحددة للتصدي لثالوث الأزمات العالمية الراهنة تتطلب حتماً تمويلاً وإرادة سياسية في الدول المتقدمة لتوفيره. من السهل سرد كلمات تدبج في محبة التعاون الدولي ونشدان الرخاء للبشرية والحفاظ على السلم والاستقرار، فما لم تترجم هذه الكلمات لبنود مخصصة في الموازنات المالية فهي فاقدة المعنى عديمة الأثر.

    نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط

     

    محمود محيي الدين المثلث الاوروبى الجديد ازمات

    أسعار العملات

    العملةشراءبيع
    دولار أمريكى​ 29.526429.6194
    يورو​ 31.782231.8942
    جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
    فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
    100 ين يابانى​ 22.603122.6760
    ريال سعودى​ 7.85977.8865
    دينار كويتى​ 96.532596.9318
    درهم اماراتى​ 8.03858.0645
    اليوان الصينى​ 4.37344.3887

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
    عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
    عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
    عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
    الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
    الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
    الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

    مواقيت الصلاة

    الثلاثاء 08:50 مـ
    28 شوال 1445 هـ 07 مايو 2024 م
    مصر
    الفجر 03:30
    الشروق 05:07
    الظهر 11:52
    العصر 15:28
    المغرب 18:36
    العشاء 20:02

    استطلاع الرأي